الخميس، 21 مايو 2015

حقوق الإنسان على نفسه

حقوق الإنسان على نفسه

قال الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام، الذي أتحف العالم بالذخيرة الكبرى المتمثلة برسالة الحقوق التي نقف عند فقرة منها يقول فيها عليه السلام:
"وأما حقّ نفسك عليك فأن تستعملها بطاعة الله عزّ وجلّ، فتؤدّي إلى لسانك حقّه، وإلى سمعك حقّه، وإلى بصرك حقّه، وإلى يدك حقّها، وإلى رجلك حقّها، وإلى بطنك حقّه، وإلى فرجك حقّه، وتستعين بالله على ذلك".

حقّ اللسان:
"أما حقّ اللسان فإكرامه عن الخنا"، والخنا هي كلمات الفحش والسباب والشتائم،"وتعويده على الخير" بأن تدرّب لسانك على أن لا يقول إلاّ الخير وما ينفع نفسك والآخرين، "وحمله على الأدب" أي أن تحمله على الكلمات التي تمثّل أدبك مع ربّك ومع الناس وذلك بأن تتكلّم الكلمات التي تفتح عقول وقلوب الناس عليك، ولا تثير حساسيّاتهم، ولا تلحق الأذى بهم، "وإجمامه إلاّ لموضع الحاجة والمنفعة للدين والدنيا"، "وإعفاؤه من الفضول الشنيعة القليلة الفائدة التي لا يؤمن شرّه". 

حقّ السمع:
"وأما حقّ السمع فتنزيهه عن أن تجعله طريقاً إلى قلبك إلاّ لفوّهة كريمة، تحدث في قلبك خيراً أو تكسبك خلقاً كريماً فإنه (أي السمع) باب الكلام إلى القلب يؤدّي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شرّ". 

حقّ البصر:
"وأما حقّ بصرك فَغَضُّه عما لا يحل لك" ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ "وترك ابتذاله إلاّ لموضع عبرة تستقبل به بصراً أو تستفيد به علماً فإنّ البصر باب الاعتبار" يعني أن تستعمل بصرك للتأمّل والبحث والاستفادة، بأن تحاول عندما تنظر إلى ما حولك وما فوقك وما تحتك أن تنظر على أساس أن تستفيد منه عظة وعبرة تستطيع من خلالهما أن تعطي لنفسك تجربة جديدة وفكرة جديدة وفائدة جديدة.

حقّ الرجلين:
"وأمّا حقّ رجليك أن لا تمشي بها إلى ما لا يحلّ لك، ولا تجعلها مطيَّتك في الطريق المستخفّ بأهلها فيها، فإنّها حاملتك وسالكة بك مسلك الدين" أي عليك أن تحرّك رجليك إلى مواقع العدل والحقّ والجهاد وإلى مواقع العمل في سبيل الله وإلى الغايات والأهداف التي يحبّها الله ولا تحرّكها إلى المواقع التي لا يرضاها الله تعالى.

حقّ اليد:
"وأما حقّ يدك فأن لا تبسطها إلى ما لا يحلّ لك" فلا تضرب ولدك بغير حقّ، أو زوجتك بغير حقّ، أو جارك بغير حقّ، أو من هو أضعف منك، فلا تحرّك يدك إلى ما لا يحلّ لك، "فتنال بما تبسطها إليه من الله العقوبة في الآجل"، "ومن الناس اللائمة في العاجل، ولا تقبضها عما افترض الله عليها" أي لا تمسك يدك عن المسؤوليّات التي يريد الله لك أن تتحرّك فيها، فلا تمسك يدك عن الجهاد إذا كان الجهاد واجباً عليك، أو عن العطاء إذا كان العطاء واجباً عليك أو عن الدفاع عن المظلومين ، "لكن توقرها بقبضها عن كثير مما لا يحلّ لها - أي تمسكها عن الحرام - وبسطها إلى كثير مما ليس عليها"، "فإذن هي قد عقلت وشرفت في العاجل، ووجب لها حسن الثواب من الله في الآجل".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق